مفهوم الزواج في الاسلام الفصل الأول
مفهوم الزواج في الإسلام
قال تعالى: (( ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ))
الزواج
هو سنة كونية أصيلة وضرورة أساسية من الضرورات التي لا غنى عنها في
الحياة، قال تعالى: ((سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن
أنفسهم ومما لا يعلمون)).
وقال تعالى: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك
وجعلنا لهم أزواجا وذرية)) الآية. [ الرعد: 38] فنظام الزواج ليس دائرة
ضيقة مقصورة على الإنسان والحيوان والنبات، بل هو سنة كونية دقيقة واسعة
المدى اتخذت مكانها في أفراد الكائنات، وقسمت كل نوع إلى قسمين... وحلت في
أحد القسمين بسر يخالف السر الذي حلت به في القسم الآخر، على نحو ما حلت
في السالب والموجب في عالم الكهرباء... فالسر الذي يحمله السالب من سنة
الله غير الذي يحمله الموجب... ولا تعطى سنة الله ثمراتها إلا إذا التقى
السران، واجتمع شمل السالب بالموجب على النحو المعروف، فإذا لم يجتمع
السران ولم يلتق السالب بالموجب، ظلت سنة الله معطلة وظل الحنين الأزلي
ينازع أفراد جنس السالب إلى أفراد جنس الموجب، وظل جنس الموجب في مثل
الحنين يرنو إلى الالتئام بجنس السالب..
حقاً إنها فطرة الله التي فطر الناس عليها.
.... ومن أجل ذلك خلق الله سبحانه وتعالى من ضلع آدم زوجه حواء ليسكن إليها ويأنس بها.
.... ومن أجل ذلك أقر الاسلام الزواج، ونادى به رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه في قوله صلى الله عليه وسلم
(يا
معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن
للفرج..))الحديث [الجماعة] .... ومن أجل ذلك تبرأ رسولنا ممن زهد عن
الزواج ولو بغرض العبادة فقال صلى الله عليه وسلم
(من
رغب عن سنتي فليس مني )) وهذا قول من حديث رواه الشيخان عن أنس رضي الله
عنه قال: ((جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون
عن عبادته عليه الصلاة والسلام، فلما أخبروا كأنهم تقالوها (أي وجدوها
قليلة) فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم
من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً، وقال آخر:
وأنا أصوم الدهر ولا أفطر أبداً، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج
أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال
(
أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم.
وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني )).
.... ومن أجل ذلك جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الزواج نصف الدين في قوله
(إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي )).
.... ومن أجل ذلك آثر النبي صلى الله عليه وسلم الدين والخلق على كل شيء في قوله صلى الله عليه وسلم
(إذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )) [رواه الترمذي].