الرئيس بوتفليقة يقر بالفشل ولا يتهم أحدا، بل استثنى الوزير طمار، أحد المتهمين الرئيسيين في سلسلة الإحباطات التي تسببت فيها الحكومة، أي كما يقول المثل ''الكل مسؤول ولا أحد مسؤول''. حتى الاعتراف جاء في صيغة النجاح لينتقل الفشل من قيمة سلبية إلى قيمة اجتماعية إيجابية.
اعتراف المسؤول الأول للسلطة في هذا الظرف بالذات لا يمكن تصنيفه سياسيا إلا في خانة إعطاء الإشارة الخضراء للشروع في نقاش بدأ محتشما منذ تولي بوتفليقة سدة الحكم ولم يفصل فيه إلى يومنا هذا، ويتعلق الأمر بتعديل الدستور لتحديد طبيعة الحكم، وهو الطرح الذي تبنته الكثير من وجوه المعارضة في تلك الفترة، لكن سرعان ما اختفى ليعود ثانية بثوب جديد وهو تعديل الدستور حتى يسمح بالبقاء ولا أقول ترشح بوتفليقة لعهدة ثالثة للاستمرار في تنفيذ برنامجه الذي حقق نجاحات باهرة، قبل أن يقر الرئيس بالفشل، ليتحول مطلب العهدة الثالثة إلى فرصة لتصحيح الأخطاء وتحويل الفشل إلى نجاح ولمَ لا بالإبقاء على نفس الطاقم الحكومي الذي عبر عن إمكانيات هائلة في إدارة الفشل، وتطعيمه ببعض العناصر التي قد تظهر للوجود من خلال حركات تصحيحية جديدة قد تمس هذه المرة لجان المساندة التي بدأ يظهر عليها التعب من كثـرة تشغيلها وإبقائها خارج الخدمة.
إن الاعتراف بالخطإ شيء جميل، لكن الأجمل أن تحدد المسؤولية، فبرنامج الرئيس يصبح برنامجا للحكومة بمجرد المصادقة عليه من قبل البرلمان، والحكومة لا يمكن أن تفشل حيث نجح الرئيس، ونجاح الرئيس يمر حتما من خلال حكومته باعتباره المسؤول الأول عن السلطة وله كل صلاحيات تغيير الطاقم الحكومي واختيار أعضائه متى قرر ذلك. إذن فالحديث عن الفشل يجب أن يبدأ من أعلى هرم السلطة، فالاعتراف سيد الموقف كما يقال، لكن عندما يحمل في طياته إرادة العمل على تغيير الأشياء وإصلاح الاختلالات ووضع آليات جديدة لتجنب إعادة إنتاج الفشل، وإلا فالكلام عن الحصيلة وعن النجاح والفشل يبقى مجرد كلام موجه للاستهلاك وللاستغلال لا يغير ذرة من حقيقة الوضع الصعب الذي يعيشه المواطن في مختلف المجالات والقطاعات، ولا يغفر لأعضاء الحكومة ذنوبهم التي يرتكبونها يوميا في حق المواطن.
الخبر