محنة غرداية في الجرائد

أعلن رئيس الحكومة أحمد أويحيى مساء الأحد، أن ولاية غرداية منطقة منكوبة جراء الفيضانات التي اجتاحت الجهة قبيل عيد الفطر المبارك.

وقال أويحيى في تصريح مقتضب خلال الزيارة الميدانية التي قادته إلى الولاية، إن الحكومة ستتكفل بكافة المتضررين من هذه الفيضانات وإعادة بناء جميع المرافق والبناءات المتضررة، وذلك بإشراك مقاولات من خارج الولاية، وكذا تسخير أزيد من 100 خبير لتقييم الأضرار وتحديد النقاط السوداء من أجل القضاء عليها، في إشارة إلى إمكانية ترحيل التجمعات السكانية القريبة من الأودية والأنهار.
أويحيى الذي لم يكشف عن الغلاف المالي الحقيقي لعملية إعادة البناء والتعمير، أكد أن الإعلان الرسمي للمنطقة المنكوبة سيعلن عنه رسميا يوم الثلاثاء تزامنا وانعقاد مجلس الحكومة..

الشروق

عثر أفراد الفرق المتنقلة للهلال الأحمر الجزائري والحماية المدنية صباح السبت في حدود الساعة الحادية عشر صباحا على رضيع في الشهر الثالث من عمره على قيد الحياة بمجرى وادي بلدية العطف بغرداية، وهو من منكوبي فيضان عيد الفطر الذي اجتاح المنطقة وخلف ما لايقل عن 38 قتيلا في حصيلة مرشحة للارتفاع.

وقالت مصادر طبية لـ"الشروق اليومي"، إن أفراد التدخل والإسعاف التابعين للهلال الأحمر الجزائري وأعوان الحماية المدنية المجندين في إطار عمليات الإغاثة، انتشلوا رضيعا من جنس ذكر، يبلغ من العمر 3 أشهر فقط كان ممددا على لوح خشبي جرفته الوديان الى غاية مجرى واد العطف. وترجح التحريات الأولية أن السيول جرفته من مدينة ضاية بن ضحوة الى هذا المجرى على بعد 16 كم، وكان الرضيع يحتفظ بملابسه وتم تحويله الى العيادة القريبة حيث أكد الطبيب المداوم أنه يتمتع بصحة جيدة ولا يعاني من أي مشاكل صحية.
وعلمنا أن عائلة من المنطقة تكفلت به مؤقتا في انتظار تحديد هويته، حيث قامت مصالح الأمن بإرسال بياناته الى الجهات المختصة وأذاعت إذاعة غرداية المحلية نداءات في نشراتها الموجزة للتعرف عليه.
وتفيد المعطيات الأولية، أنه يرجح أن تكون عائلة الرضيع قد قامت بوضعه على اللوح الخشبي لإنقاذه من الأمواج في ظل عجز الصبي عن السباحة، كما فعل كثيرون حيث خصص متطوعون جذوع الأشجار وعجلات الشاحنات لإنقاذ المسنين والنساء والأطفال مع وضع حبال غليظة للأطفال بينما رجح عون في الحماية المدنية أن يكون اللوح الخشبي جزء من سرير الصبي الذي كان نائما ساعة الفيضان ويكون الفيضان قد أدى الى تخريب السرير، لكن معجزة هذا الملاك تكمن في بقائه حيا لمدة تجاوزت 80 ساعة وتمكن بقدرة إلهية من تجاوز قوة السيول التي أدت الى هلاك العباد والمواشي واقتلعت الأشجار والأعمدة الكهربائية من الحجم الكبير بينما نجا الرضيع بأعجوبة، وهو لم يتناول الحليب وسط مياه باردة جدا وأوحال وأيضا جثث، وعلق أحد المواطنين على ذلك بالقول "معجزة موسى عليه السلام تتكرر في غرداية".
وما إن انتشر الخبر، حتى تهاطلت طلبات المواطنين للتكفل بـ"الرضيع المعجزة" في انتظار تحديد هويته وإيجاد عائلته.

الشروق اليومي

اتزال غرداية، بعد مرور أربعة أيام على الكارثة، تحصي خسائرها البشرية والمادية المرشحة للارتفاع، بعد تمكن فرق الإنقاذ من الدخول إلى العديد من الأحياء التي ظلت معزولة، جراء انقطاع كل السبل المؤدية إليها. موازاة مع ذلك، فقد حمل مجلس أعيان المدينة عزمهم على رفع دعوى قضائية ضد مجهول لتحديد المسؤوليات عن هذه الكارثة التي كان
من الممكن، حسبهم، تقليص حجم خسائرها لو اتخذت الإجراءات اللازمة في حينها.
لم يكن دخولنا إلى غرداية ليلا بالأمر السهل، ليس بسبب انقطاع طرقها وانتشار الأوحال بأحيائها وتهدم جسورها، بقدر مما عانيناه من كثـرة الحواجز التي أقامها سكان مختلف أحياء المنطقة المنضوون تحت ما يسمى بلجان اليقظة التي أنشأتها خلية الأزمة التابعة لمجلس أعيان المنطقة، وذلك للحفاظ على الأمن وحماية أملاك المواطنين من السرقات، بعد استغلال هذه الظروف من قبل بعض اللصوص؛ حيث اضطررنا للاستعانة بمرافقة صديق لنا في المنطقة، سهل لنا دخول بلدية العطف التي كانت غارقة في ظلام دامس بعد انهيار المحول الكهربائي المزود لبلديتهم بالكهرباء. فكان قرابة 250 شخص مجهزين بالأضواء الكاشفة والعصي يقومون بحراسة بلديتهم في دوريات مستمرة، لكنه على الرغم من الظلام فإن حركة المواطنين لم تتوقف طول الليل حيث كانوا يجلبون الإعانات وتوزيعها ويقدمون الإسعافات للمحتاجين.
استدعاء أطباء غرداية من مختلف أنحاء الوطن
لم نسجل بالعطف أي حضور للمصالح الأمنية أو فرق الحماية المدنية إلى غاية صبيحة أمس، حيث انتشرت بعض آليات الجيش لنزع الأوحال من الطرق المؤدية للبلدية. بالمقابل، وجدنا نظاما محكما من قبل لجنة الأزمة المنشأة من قبل أعيان المدينة الذين لاموا كثيرا المسؤولين المحليين الذين لم يكلفوا أنفسهم معاينة حيهم، مفضلين تركيز اهتمامهم على مركز المدينة فقط، الأمر الذي جعل مجلس أعيان المدينة، حسب رئيسها، السيد الحاج امحمد محمد، يعتمد على سكان البلدية لتعويض غياب الدولة، ''فقمنا -كما قال لنا- باستدعاء أطبائنا الموجودين في مختلف أنحاء الوطن والذين لبوا النداء فالتحقوا بمنطقتهم لإسعاف المتضررين''. ''كما قام المجلس أيضا''، يضيف الحاج امحمد، بالاستنجاد بأثريائنا الذين زودونا بكل ما نحتاج إليه من مواد ووسائل''.
ويطالب المجلس، اليوم، السلطات المعنية باتخاذ إجراءات عاجلة لتفادي حدوث كارثة بيئية خطيرة قد تقع فيها منطقتهم التي تعرف مصب كل المياه القذرة للولاية، بما فيها نفايات المستشفيين الموجودين بالقرب من المنطقة، فلا بد من تدخل السلطات في أقرب وقت ممكن لإعادة إصلاح قنوات المياه القذرة المحطمة، وإيجاد حل للمياه القذرة التي تصب في منطقتهم التي أضحت، جراء هذه الكارثة، معرضة لأمراض خطيرة.
بالمقابل، أعلن رئيس مجلس أعيان المنطقة عن عزم تنظيمه رفع دعوى قضائية ضد مجهولين من أجل تحديد المسؤوليات في هذه الكارثة التي كان، حسبه، للعنصر البشري يد فيها، وذلك بسبب البناءات الفوضوية المبنية على حاشية الوادي وحتى بداخله، وكذا إنجاز حواجز مائية في المنطقة بطرق عشوائية والتي أضحى فيضانها يشكل خطرا حقيقيا على سكان غرداية ككل. فعدم مراعاة خصوصيات المنطقة، خلال إنجاز هذه السكنات والمشاريع بالقرب من الوادي، زاد من حجم الكارثة التي شهدتها غرداية يوم العيد.
مجلس أعيان الميزابيين الإباضيين بقصر غرداية أرجع، هو الآخر، مسؤولية ما حدث إلى تقاعس المسؤولين عن إطلاق برنامج توسيع الوادي وتهيئته، ولعدم وضع برنامج أو تخطيط فعلي للمنطقة رغم مطالب الهيئات العرفية ممثلة في الأعيان والعشائر لتوسعة الوادي وإعادة تهيئته.
كما أن حرمان ولاية غرداية ولسنوات عدة من برامج سكنية شجع أكثـر المحتاجين على البناء على حواف الوادي وبداخل بساتين النخيل. كما تساءل المواطنون في غرداية عن الإجراءات المزمع اتخاذها لحمايتهم من تكرار الكارثة، خصوصا ونحن مقبلون على فصل الشتاء.
وقد حذر مجلس أعيان غرداية من عدم التكفل بمطالبهم الاجتماعية، حيث قال لنا رئيسها ''إن تضامن أبناء المنطقة فيما بينهم لا يعني أبدا أننا لا نطالب بحقوقنا في التعويض وباتخاذ إجراءات ميدانية وبرامج محددة زمنيا للتكفل بآثار الكارثة''.

الخبر

تعازي الرئيس لضحايا غرداية بالوكالة

بعد أن تعوّد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مخاطبة الشعب مباشرة عن طريق التلفزيون في كل المناسبات، أصبح في السنوات الأخيرة يُفضل التواصل بصفة غير مباشرة حتى في المناسبات الأليمة، كما حدث في فيضانات غرداية، بحيث قدّم التعازي بالوكالة عن طريق وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني. وقام بنفس الشيء مع ضحايا العمليات الانتحارية بيسر والبويرة عندما كلف وزير التضامن بتقديم تعازيه لكن في المقابل لا يتوانى الرئيس في تقديم تعازيه مباشرة عن طريق التلفزيون للرؤساء الأجانب. فلماذا هذا التمييز؟