أمريكا تريد أن تلعب دور الشرطي في منطقة المغرب العربي، ليس
ذلك بجديد، لكنها تريد أن تلعب دور الشرطي المخفي والدليل أن
الضجة التي سبقت البحث الأمريكي عن موطئ قدم بالمنطقة كانت أكبر
من الضجة بشأن العثور عليها.
ومرّ خبر بدء تشييد القاعدة العسكرية الأمريكية في منطقة طانطان
في الجنوب المغربي وكأنه لا حدث، بل إن النظام الملكي وفّر
للأمريكان مكانا استراتيجيا وسياحيا ضخما على الساحل الأطلسي،
والاتفاق كان منذ سنتين حتى لا يقال أنه جاء نتيجة الزيارة الأخيرة
لكوندليزا رايس إلى المنطقة؟!
والحقيقة أن القرار المغربي ليس بدعة أو إثما لم يأت به الأولون،
فجميع دول المنطقة لا يمكنها أن تلعب خارج الإطار المرسوم أمريكيا
وليس في استطاعتها أيضا التغريد خارج السرب، وذلك على الأقل،
بسبب إقصائها لفرضية المقاومة من أجندتها، ولاعتبارات تتعلق
أساسا بقيام تلك الأنظمة وديمومتها، لكن الخطير في الموقف المغربي
هو بداية الكشف عن تفاصيل الصفقة حتى قبل الانتهاء من تشييد
الأفريكوم (القاعدة الأمريكية)، وكأن الرباط تريد جني الثمار
الصغيرة قبل موسم الحصاد الكبير!
تقرير مغربي سرّي نشرته الصحافة قبل فترة يتضمن إشارات غير بريئة
عن علاقة افتراضية بين البوليزاريو وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب
الإسلامي المزعوم، وبأن هنالك مخططا للتعاون بين الطرفين خصوصا في
جوانب التسلح والتدريب، والتقرير فعلا يمثل تهمة لا يمكن أن
يصدقها معتوه حتى لا نقول عاقل، وهي إن تم تصديقها من طرف
الأمريكان، فسيكون ذلك لغاية في نفس يعقوب، وكمقابل تدفعه
واشنطن لكراء القاعدة الأمريكية أو مثلما نقول نحن في اللغة
الشعبية "تسبيقة" لإتمام إنهاء القاعدة الأمريكية وكشفا للثمن
الذي طلبته الرباط ووافقت عليه واشنطن!
محاولة الربط بين تنظيمين لا يمكن أن يجتمعا، على الأقل بسبب خارطة
التحالف في المنطقة، وأيضا لعلم البوليزاريو أن القاعدة
الإرهابية خديعة، الهدف منها توطئة الطريق للقاعدة الأمريكية،
هي محاولة يائسة من طرف النظام الملكي، لاشك أن أولى خطوط التصدي
لها ستكون من داخل المغرب المليء بالحركات الوطنية والإسلامية
المخلصة والمتوقعة خارج القاعدة
الأحد 12 أكتوبر 2008م الموافق لـ 12 شوال 1429هـ الشروق اليومي