(1)
في البدء قالوا إن معركتهم ضد حماس وليست ضد مقاومة الشعب
الفلسطيني واستعصائه على الإخضاع. إذ تصور خبراء وحدة الحرب
النفسية في المخابرات العسكرية الإسرائيلية التي يشار إليها باسم
(أمان) أن الدس والتحريض ضد حركة حماس يمكن أن يؤدي إلى إعلان
التمرد عليها وإسقاط سلطتها.
لذلك أصبح المتابعون لفضائية الأقصى التابعة للحركة يفاجؤون بين
الحين والآخر باختراق ترددها وبث مواد دعائية ضد قيادات حماس، تخلع
عليهم مختلف الصفات السلبية، وتتهم بالجبن والاختفاء عن الأنظار في
الوقت الذي تتعرض فيه غزة للقصف.
وذكر زميلنا صالح النعامي -الصحفي الفلسطيني، في رسالة بعث بها من
داخل غزة في الأسبوع الماضي- أن خبراء الحرب النفسية في الجيش
الإسرائيلي لجؤوا فضلا عن ذلك إلى دس مواد دعائية لتثبيط معنويات
مشاهدي فضائية الأقصى.
منها مثلا صورة مرسومة لأحد مقاتلي القسام وهو يرتجف من الخوف
والفزع، ثم يفر هارباً من ساحة المعركة. كما لجؤوا إلى استخدام
تفوقهم التقني لاختراق إذاعة "صوت الأقصى" التابعة لحماس، وتقديم
مواد إذاعية أخرى تتهم الحركة بأنها "إرهابية"، لا تعنيها مصلحة
الشعب الفلسطيني وأنها أداة في يد إيران وعدوة للسلام.
إلى جانب عمليات اختراق البث المرئي والمسموع، قام الجيش الإسرائيلي
بإنزال عشرات الآلاف من المنشورات والبيانات المكتوبة باللغة
العربية على التجمعات السكانية الفلسطينية، وتحديداً المناطق التي
تشهد مواجهات في بلدتي بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا،
والضواحي الشرقية والجنوبية لمدينة غزة... إلخ.
هذه المنشورات دعت الفلسطينيين إلى عدم التعاون مع حركة حماس،
وعدم مساعدة أو إيواء مقاتليها. بعض تلك المنشورات ركزت على
الحجة التي تلح عليها إسرائيل في مختلف وسائل الإعلام، والتي تدعي
فيها أن حماس هي العقبة الحقيقية في سبيل تحقيق السلام الآن، وأنه
لولاها لكان حلم إقامة الدولتين قد تحقق. ولكان قطاع غزة قد أصبح
يرفل الآن في الازدهار الاقتصادى.
في نفس الوقت فإن إسرائيل لجأت إلى استخدام وسائل إعلامها الرسمية
الناطقة باللغة العربية والتي يتم التقاطها في الضفة الغربية
وقطاع غزة وبعض الدول العربية في محاولة تشويه حركة حماس.
فالتلفزيون والإذاعة الإسرائيلية باللغة العربية عادة ما يمنحان
معلقين يهود يتحدثون اللغة العربية بطلاقة مساحة كبيرة لمهاجمتها
ويتهمون قيادتها بأنها تتخذ من مستشفي "دار الشفاء" في غزة ملجأ
لها وأن مقاتلي حماس يرتدون زي العاملين في القطاع الطبي، وأن كثيراً
من الوحدات في "كتائب القسام" انهارت، وأن نشطاء "الكتائب"
خلعوا زيهم العسكري وباتوا يختبئون وسط الناس.